في إحدى الليالي الصيفيّة، كنتُ أمشي على محاذاة الشاطئ، بدت السماء مرتصّةً بالنيازك والأجرام المتهاوية، تلمع النجوم في أرجائها كعيون المتربّصين، ويتوسطها البدر بضيائه الشاحب، الذي انعكس على ماء البحر الكدر ممّا أضفى على تلك الليلة صبابةً وكمداً. كان الطريق موحشاً وكئيباً، تتوزع على جانبيه شجيراتٌ صغيرة، تتلاطم أغصانها باضطرابٍ مع كلّ هبّة ريحٍ، وتحيط بالشجيرات أحواضٌ ضخمة تكسوها أزهارٌ ذات ألوانٍ غريبة، تفوح منها رائحةٌ واخزة، وبينما كنتُ أتحاشى النظر إليها، سمعت أزيزاً مفزعاً، فانقبض قلبي…
ثمّ تنبّهت أنّه إشعارٌ لرسالةٍ قد وصلتني عبر هاتفي، فتحت الرسالة وقرأتها بتمعّنٍ، ومن ثمّ أعدت هاتفي إلى جيبي ورفعت رأسي، فوجدت السماء وقد بدت كقبّةٍ مزدانةٍ بالأحجار الكريمة، تلمع النجوم في أرجائها كاللآلئ والمرجان، ويتوسطها البدر بضيائه الناصع، الذي انعكس على ماء البحر الصافي ممّا أضفى على تلك الليلة سكينةً وطمأنينةً. كان الطريق فسيحاً وهادئاً، تتوزع على جانبيه شجيراتٌ صغيرة، تتراقص أغصانها بتناغمٍ مع كلّ نسمةٍ عليلةٍ، وتحيط بالشجيرات أحواضٌ واسعة تكسوها أزهارٌ ذات ألوانٍ فريدة، يفوح منها شذىً آخّاذ، وبينما كنت أتأمّلها بابتهاج، سمعت لحناً جميلاً، فانشرح صدري…
ثمّ تنبّهت أنّه إشعارٌ لرسالةٍ قد وصلتني عبر هاتفي، فتحت الرسالة وقرأتها بتمعّنٍ، ومن ثمّ أعدت هاتفي إلى جيبي وحين رفعت رأسي، وجدت السماء مظلمةً وكالحة، لا نجوم فيها ولا قمر، اختفى الشاطئ وتلاشى الشجر.
تابعت المسير برويّة وتأنٍّ، وكلّي ثقة بأنّ رسالةً جديدةً ستومض قريباً.
______________________________________________
بقلم: سحر خواتمي | نُشرت ضمن كتاب “حكايات البحر والشمس والشاطئ” عبر دار كُتبنا عام 2024
وصف لامس قلبي…
هذه تحفة فنية، رائعة الصّياغة، قيّمة المحتوى، قدرة على التعبير عن حال المرء من خلال نظرته إلى الأشياء من حوله، وقدرة على وصف تأثير الحال القلبي على نظرتنا إلى المحيط حولنا،
مع براعة في استخدام المفردات بين النّقيضين.
سبحان العليم القدير الّذي أعطاكِ ومنح، وأدام الله عليك من أصناف نعمه والمِنح.