“أحكم إغلاق الباب وإلا فلن تستطيع المضي”
نعم يا عزيزتيّ الكاتبتين، سحر وهبة، فالأبواب المواربة تحمل الكثير من الاحتمالات، ومن المتاعب أيضاً.
ربما علينا أن نحظى بصداقة راقية كالتي حظيت بها جمان وجود معاً لنتمكن من إغلاق الأبواب جيداً، فالألم مهما كبر في الماضي، إذا أحسنا التعامل معه، سيجنبنا الكثير من الندم في الحاضر. (ووجع ساعة ولا كل ساعة).
أهنئ في البداية الكاتبتين سحر وهبة على إطلاق مشروعهما الجميل الذي شهدت بنفسي بداياته قبل أعوام عديدة، وما عانتاه خلال كل تلك السنين من جهد وصبر ومثابرة للوصول إلى ما وصلتا إليه اليوم، مع فكرة مميزة هي الأولى، بحسب معرفتي، في طرح الكتب للقارئ وسهولة الوصول إليها. مبارك لكما.
رواية (هناك عند القمة)، رواية خفيفة لطيفة، تشعرك منذ البدء أنك أمام رسام دقيق يرسم لك تفاصيل الشخصيات بحذر ومهارة وتمهل، فتبدو لك الملامح شيئا فشيئا، تقرأ المزيد ولا تكتفي، تغوص في عمق الشخصية لتجد أنها ليست مجرد كلام على ورق، بل ذات عمق إنساني كبير.
إنها رواية (شخصيات)، وما يعنيه ذلك من تتبع خيوط العلاقات الإنسانية فيها، وكلما قرأت أكثر، اكتشفت أنك صرت متورطاً و مهتماً أكثر، ومنغعلا بما تقدمه الرواية ببراعة من مشاعر الفرح، والأمل، والخيبة، والغضب، والألم.
تمكنت الكاتبتان من بناء الرواية على قيمنا العربية الإسلامية، وقدمتا ذلك بطريقة ذكية خفيفة موظفة لخدمة الحدث.
صحيح أن الرواية بأسلويها ولغتها وأفكارها تناسب اليافعين، لكنها يمكن أن تثير فضول الراشدين أيضا لمتابعة القراءة باستمتاع وابتهاج. اقرأها مهما كان عمرك، فستجد فيها ما يلامس روحك.
في رأيي فإن المجموعة الروائية تسد ثغرة في المكتبة العربية للأدب الذي يركز على العلاقات الإنسانية والعاطفية بما تأسست عليه من الجمع بين الأخلاق الإنسانية، والأدب الرفيع.
ولأن الرواية ذات حس واقعي، فإن القارئ لن يخرج منها بالنهايات الوردية السعيدة التي يظل يتوقع حدوثها، فتُرضي آماله، ولكنه سيعايش أثر الصدمة والخيبة حين يحدث ما لا يتوقعه، وهي الخيبة ذاتها الحقيقية التي يعيشها الإنسان في واقعه عندما لا يكون ما يريد، ولا يحدث مما يحلم به ويتمناه. ماذا أنت فاعل؟ أنت تريد وتحلم، والحياة لا تقدم لك ما تحلم، تتحداك، تحفزك، تحطمك، فماذا أنت فاعل؟
أبارك للكاتبتين العزيزتين مرة أخرى، وأدعو لهما بالتوفيق.
بقلم: مزنة كمال